قصة قصيرة:
زهرة في وجه الريح في زاوية صغيرة من حديقة الحي، نبتت زهرة وحيدة بين الأعشاب الجافة والتربة المتشققة. لم تكن زهرة عادية، بل كانت بلون أرجواني باهر، تسرق الأنظار رغم البيئة القاحلة من حولها. كانت الرياح القوية تمر كل يوم محاولة اقتلاعها، لكن الزهرة الصغيرة كانت تقف بشموخ، تروي حكاية التحدي والأمل في وجه الظروف.
ذات صباح مشمس، مرّ طفل صغير يُدعى أمير بجانب الحديقة. لفتت الزهرة انتباهه، فانحنى ليلمس بتلاتها بلطف. تساءل بصوتٍ خافت: "كيف تنبتين هنا، رغم قسوة الأرض والرياح العاتية؟".
شعرت الزهرة كأنها تبتسم له، رغم أنها لم تستطع الإجابة.
أخذ أمير يزور الحديقة كل يوم، يسقي الزهرة ببضع قطرات من الماء، ويتحدث إليها عن أحلامه البسيطة: أن يصبح رسامًا يرسم الطبيعة بحب، وأن يعيش في عالم مليء بالجمال والسلام. وبالرغم من صغر سنّه، أدرك أمير أن الزهرة تعكس دروسًا عظيمة عن الصبر والإصرار، فقرر أن يجعلها مصدر إلهام له. مرت الأيام، وتعلّق الطفل بالزهرة أكثر.
وفي يومٍ عاصف، هبت ريح شديدة اجتاحت الحديقة، وقطعت سيقان النباتات المحيطة. ظن أمير أن الزهرة لن تصمد، لكنه فوجئ في صباح اليوم التالي بأنها لا تزال شامخة، تتمايل بلطف تحت أشعة الشمس. فهم حينها أن الزهرة ليست مجرد نبتة، بل رمزٌ للحياة التي تنتصر دائمًا، مهما اشتدت العواصف.
كبر أمير، وأصبح رسامًا معروفًا، لكنه لم ينسَ تلك الزهرة. رسمها على لوحاته مرارًا، محاولًا أن ينقل للعالم رسالتها البسيطة والعميقة:
"لا تستسلم، لأن في أعماقك قوة لا تُرى، قادرة على أن تواجه أعظم العواصف."
وهكذا، صارت الزهرة ذكرى محفورة في قلب أمير وقصة يرويها لكل من يبحث عن الإلهام. كانت زهرةً في وجه الريح، لكنها علّمت الجميع كيف يكون الإنسان مثلها، صامدًا وأنيقًا في وجه الحياة.
بقلم وليد النوري الجنابي
#زهرة_في_وجه_الريح
#قصص_ملهمة
#قصص_قصيرة